نصار: ١٨ ألف إصابة جديدة سنويا لمرضى السرطان يستحقون وضع سياسة صحية تراعي كرامتهم وحقهم بالعلاج

إعتبر رئيس “جمعية برباره نصار” لدعم مرضى السرطان هاني نصار أن “من يتابع وضع مرضى السرطان البالغين في لبنان، وطرق حصولهم على علاجهم، يلمس ثغرات كثيرة مزمنة في السياسة الصحية التي تعتمدها وزارة الصحة العامة وبعض الجهات الضامنة الأخرى، لا سيما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.
وقال في بيان اليوم: “أما بعد انهيار العملة الوطنية أمام الدولار الأميركي، فقد ازداد هذا الوضع سوءا. لا بل أن الصورة تزداد قتامة عندما نتابع مواقف المسؤولين المعنيين.
وزير الصحة العامة بشرنا بأن أدوية الأمراض السرطانية متوافرة في مستودع الكرنتينا، والحقيقة أنها غير متوافرة.
وحاكم مصرف لبنان طمأننا إلى أن الدعم لن يتوقف عن أدوية الأمراض المستعصية، وهو لم يدفع المستحقات لشركات الأدوية منذ أشهر. والشركات بدورها توقفت عن استيراد الأدوية الباهظة الثمن، وقد خلت منها الصيدليات.
ما ذنب مرضى السرطان إذا كان بعض تجار الصحة، والمراكز الاستشفائية، قد أوقفت التعامل مع بعض الجهات الضامنة، لأنها ما زالت تعتمد التعرفة بحسب سعر الصرف الرسمي. وبعض المستشفيات زاد على فاتورة كل جلسة علاج مبلغا يفوق ضعف الحد الأدنى للأجور”.
أضاف: “وكي لا نبقى في العموميات، إليكم بعض تفاصيل واقع مرضانا اليوم:
لم تعد كل المستشفيات قادرة على تأمين العلاجات الكيميائية الباهظة الثمن، فاقتصرت المهمة على بعض المستشفيات الكبيرة. مما يلزم المريض أن ينتقل من الشمال والجنوب والبقاع نحو بعض مستشفيات بيروت للعلاج. وذلك في ظل أزمة المحروقات وانقطاع مادة البنزين. أما البديل، فهو التوقف عن العلاج.
مستودع الأدوية في الكرنتينا خال من الكثير من العلاجات الكيميائية. مما يضطر المريض إلى شراء هذه الأدوية على نفقته الخاصة. ويمنع على الصيدليات بيع هذه العقاقير، منعا لتهريبها خارج البلاد. والجهة المولجة بهذا الموضوع هي المستشفيات، ونعود إلى النقطة الأولى، لم يعد الكثير من هذه المشافي يستطيع تأمين هذه العلاجات. مما يضطر العديد من المرضى إلى التوقف عن العلاج.
أما العلاجات التي يتناولها المريض في بيته، (العلاجات المستهدفة)، فالقليل منها متوافر في مستودع وزارة الصحة. والمصيبة الكبرى أنها لم تعد متوافرة في السوق اللبناني، بسبب عدم دفع الدولة المستحقات للشركات المستوردة. مما يضطر مريض السرطان إلى التوجه نحو الخارج لشرائها، والوجهة الأقرب: تركيا، مصر أو أوروبا. والعملة هي الدولار الأميركي، غير المتوافر لدى مرضانا. ولذلك أوقف العديد من مرضى السرطان علاجهم.
فالدواء المدعوم وغير المتوافر في لبنان وثمنه 9 ملايين ليرة، يبلغ ثمنه في الخارج 6 آلاف دولار، أي عمليا 132 مليون ليرة وهو ثمن علبة واحدة تكفي لشهر واحد.
بعض العلاجات، والحمدلله، ما زال متوافرا، إنما ليس لجميع المرضى. فالكمية لا تكفي. المثل على ذلك، أحد أنواع العلاج المناعي. وقد اتخذ القرار بإعطائه للمرضى الذين سبق أن بدأوا باستعماله، وحرمان المرضى الجدد تناول هذا العلاج الفعال. وما أقسى وقع هذا الأمر على أفراد عائلة المريض. فيبيعون ممتلكاتهم، لشراء كمية صغيرة من هذا العلاج من الخارج بالعملة الخضراء. وإن لم يكن لديهم ما يبيعونه، يتوقف المريض عن العلاج”.
أضاف: “من يستمع إلى مستوردي الأدوية والتجهيزات الطبية، إلى الجهات الضامنة وإدارات المستشفيات في لبنان، لا يستطيع إلا أن يتعاطف معها. ويبقى السؤال: لماذا على مريض السرطان أن يتحمل الأعباء كلها؟ لماذا يخير بين أن يتسول أو يستدين كلفة علاجه من المرابين، وبين أن يتوقف عن العلاج ويدفع حياته الثمن؟!
فالمستشفيات لم تعد تلتزم التسعيرة المعتمدة من مؤسسة الضمان الاجتماعي، ومنها من ألزم مرضى السرطان دفع مبلغ إضافي يفوق ضعف الحد الأدنى للأجور، عن كل جلسة علاج كيميائي، أي مليون ونصف ليرة. ومنهم من أوقف استقبال المرضى على نفقة صندوق الضمان. وأما عن العلاج الإشعاعي فحدث ولا حرج، فأسعار الجلسات تراوح بين 10 ملايين ليرة و50 مليونا. والنتيجة، توقف العديد من مرضى السرطان عن العلاج.
أما بالنسبة إلى المختبرات؛ فهل يعقل أن يطلب إلى المريض شراء الدواء الذي يستعمل في ال “إي إر إم” من الوكيل وبأسعار خيالية، كي يستطيع المختبر استقباله؟! ناهيك بأن الكثير من المختبرات الخاصة أو التابعة للمستشفيات، أصبحت عاجزة عن إجراء العديد من الفحوصات المهمة لمرضى السرطان، بسبب عدم توافر المواد الأولية.
ولن نتحدث عن ارتفاع كلفة تجهيز الصفائح والدم وغيرها.
كما أن كثيرين من مرضى السرطان، يخضعون لفحوصات في مختبرات خارج لبنان، كانت كلفتها تراوح بين 3 ملايين ليرة و 8 ملايين، صارت كلفتها تتجاوز مئة مليون ليرة في بعض الأحيان.
والنتيجة، توقف العديد من مرضى السرطان عن العلاج.
هل نتحدث عن المرضى القابعين في بيوتهم، ويعانون كغيرهم من اللبنانيين انقطاع التيار الكهربائي؟ أتدركون أن بدل إيجار ماكنة الأوكسيجين بات يفوق 600 ألف ليرة لبنانية؟ أتدركون أن مريض سرطان الرئة، يعتمد على الماكنة أكثر من اعتماده على رئتيه؟ حاولوا أن تقطعوا الهواء عن رئتيكم 3 ساعات متتالية، وشاركوا مريض السرطان شعوره خلال انقطاع الكهرباء.
مرضى سرطان القولون، الذين حولوا مخرج بدنهم إلى أكياس على خاصرتهم، باتوا يغسلون هذه الأكياس بعد إفراغها من البراز، لإعادة استعمالها، بسبب عدم قدرتهم على شراء المزيد منها. فبات ثمن حاجتهم من الأكياس والقواعد لفترة شهر يتجاوز 1.5 مليون ليرة لبنانية. وطبعا وزارة الصحة لم تجر مناقصة لشرائها منذ العام 2018.
تطول لائحة الشكاوى وحاجات مرضى السرطان المادية. فكيف لمريض يتقاضى راتبا قدره مليون ليرة، أن يكمل علاجه الكيميائي ويخضع للفحوصات الدورية ويشتري الأدوية المدعومة وغير المدعومة؟!”.
وختم: “نداؤنا إلى من يسمع الصوت: أنقذوا من تبقى من مرضى السرطان في لبنان من تنفيذ حكم الإعدام بهم. نواجه المرض وندعو مرضانا للتغلب عليه نفسيا وجسديا. فلا تدعوا العبء المادي ينهي وجودنا. وتذكروا أن ما من أحد معصوم عن المرض.
قد يقول قائل “لا حياة لمن تنادي”. إنما بالرغم من سوداوية المشهد، لا بد لنا أن نساهم في إيجاد بعض الحلول.
ودعوتنا إلى مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن تبادر إلى الدفع الفوري للمستشفيات التي ما زالت تؤمن العلاجات الكيميائية، على أن تعتمد هذه المستشفيات التعرفة المعتمدة من مؤسسة الضمان، فتعود القدرة للمرضى لتحمل تكاليف العلاج.
أما بالنسبة للقيمين على وزارة الصحة العامة، فنود لفت انتباههم إلى أن هناك نحو 18 ألف إصابة جديدة سنويا لمرضى السرطان في لبنان، وهم يستحقون منهم وضع سياسة صحية مستديمة، تراعي كرامة المرضى وحقهم بالعلاج.
وتضع “جمعية برباره نصار لدعم مرضى السرطان” نفسها بتصرف كل من يريد مد العون لمساعدة مرضانا لنيل علاجهم بكرامة”.